إن هذه الحالة من الافتتان بسيل التكنولوجيا الذي يحوطنا من كل جانب بالآلات
ويغرقنا بأخبار العالم ،لكنه يحول بيننا وبين أرواحنا .نغرق في الخارج ونعرف كل
تفاصيله بينما ننسى أن نكرس لحظات من يومنا للتأمل ومحاولة استخلاص الحكمة
من تجاربنا اليومية.في الماضي كان للمتصوفة خلوتهم.تلك الأوقات التي ينسحبون فيها
بعيدا عن صخب العالم من اجل الإنصات إلى همس الروح .
لكن توماس مور(المحلل النفسي الأمريكي) لا يدعو إلى المقاطعة الكاملة مع التكنولوجيا
إن دعوته أكثر بساطه وواقعية فهو يؤمن بان العناية بالروح تتضمن العناية بالأشياء
الصغيرة التي تشكل الدائرة القريبة من الروح.بإمكاننا أن نجعل من غسيل الملابس و
تنظيف البيت والطهي (دي عشانه احنا الستات هههههههههه)طقوسا للعناية بالروح.
يحدث هذا عندما نؤمن بان كلا من هذه المهام لابد أن تؤدى بحساسية وعشق .
وعندما يشكو الكثيرون من إضرابات ومشكلات نفسيه،فان منبع هذه الأزمات لا يكمن
في المشكلات نفسها وإنما يكمن في إهمالنا للروح.وحسبما يقول مور"إن الروح لاتتكسراو
تجف عندما تقابل مشكلات. إنها تموت أحيانا من اسلوب الحياة نفسه الذي يجوعها"
ما هو غذاء الروح؟مبدئيا لكل روح غذاؤها؛فهناك روح تذبل وتذوي إن لم تسمع
الموسيقى.وأخرى تحتاج إلى البشر والعلاقات الحميمة.وروح تستمد قوتها من العمل
والانجاز سواء كان تأليف كتاب أو رعاية طفل. ولكن كل هذه الحالات تتطلب اوقاتا
(مهما قصرت)بعيدا عن صخب التلفزيون والتلفون والشوارع .إنها الأوقات التي تتيح
للروح تأمل الحياة واستخلاص الحكمة.علينا أن نلجأ إلى طرق بسيطة وواقعيه للعناية
بالروح.وقد تتخذ الخلوة شكلا لا يتعدى مجرد درج من أدراج المكتب حيث نضع أوراقا
نسجل فيها خواطرنا ويومياتنا .وقد تتلخص في خمس دقائق كل صباح نسجل خلالها
أحلام الليله الماضية ونتأمل شكل اليوم الآتي .ربما ما نحتاج إليه هو نزهه بعيدا عن
مراكز التسوق وقريبا من الطبيعة .وقد يقرر بعضنا وضع التلفزيون في مكان مغلق حتى
تصبح المشاهدة طقسا محسوبا ومناسبة خاصة.وقد تصبح الخلوة لوحة أو قطعة فنيه
نشعر من خلالها إننا نقترب من أرواحنا.
إن طقوس الروح ليست بالضرورة مهيبة أو غالية الثمن وعلى العكس فان الروح تستمد
عافيتها من مفردات الحياة العادية .إن أي فعل نقوم به من الممكن أن يشكل غذاء كافيا
للروح بشرط أن يلبي احتياج هذه الروح،وان يتم ونحن في كامل انتباه العقل وانفتاح
الروح.أي شكل من أشكال الخلوة هو رسالة اهتمام بالروح في عالم قد اعتاد إهمال الروح
حتى نسيها.
نقل