أسطورية القرآن أم ألوهيته
”ردا على مزاعم التنصيريين عن نقل القرآن عن أساطير الأولين و العهدين“
ذكر القمص زكريا بطرس في إحدى حلاقات برنامجه على قناة الحياة الفضائية التنصيرية، المسمى ( حوار الحق) أن القرآن الكريم ما هو إلا كتاب بشري من تأليف محمد بالاستعانة بأشخاص معينين نقلا عن أساطير الأولين و الكتب السماوية السابقة ( الثوراة و الإنجيل) و كذا أشعار الشعراء القدامى. و قد قدم العديد من أوجه التشابه بين ما جاء في القرآن و أساطير الأولين خصوصا فيما يخص واقعة الإسراء و المعراج، حيث أفاد بأن هذه القصة مذكورة منذ مئات السنين قبل الإسلام في أسطورة فارسية و أخرى هندية مع اختلاف الأسماء طبعا، حيث عمد الرسول حسب زعمه إلى نسخ هاتين الأسطورتين و غير الأسماء بأسماء أخرى فقط، و أكد على ضرورة الإيمان بالمسيح المخلص و الكتاب المقدس لأنه كلام الله الوحيد الموجود على الأرض و أن المسيح هو المخلص الوحيد للبشرية و طريقه هي طريق الخلود و الحياة الأبدية.
كما ذكر أن القرآن أو محمد أخذ من الإنجيل و الثوراة الكثير من القصص و الأحكام و دبجها في كتابه الذي أسماه القرآن، كما ذهب إلى أن محمدا أخذ أيضا عن الشعراء القدامى الكثير من الجمل و العبارات و الصياغات و أن القرآن ما هو إلا مجموعة من الأقاويل المأخوذة عن هذه المراجع، أي أساطير الأولين سواء الفارسية أو الهندية، الكتب السماوية السابقة و حتى الكتب الشعبية لدى اليهود،و قصائد الشعراء القدامى.
(إن القمص زكريا بطرس حقيقة و على امتداد الحلقات التي مرت على قناة الحياة، بدء ببرنامج ” أسئلة عن الإيمان“ وصولا إلى برنامج ” حوار الحق“ دأب على محاولة تهديم ثوابت الإسلام بكل ما له من قوة بالتشكيك في نبوة الرسول عليه السلام، بل و نفي هذه النبوة و تكذيبها و كذا نفي أن يكون القرآن مصدره الله سبحانه و تعالى، و هو ناقش و جادل الكثير من الأحكام و القضايا الدينية في الإسلام سنقف عندها في كتابات لاحقة إن شاء الله).
أما فيما يخص مصادر القرآن فقد حاول أن يسرد العديد من الدلائل على ادعائه سنوردها في ردنا هذا مع جوابنا عليها و ردها على قائلها حتى يتبين الحق:
لقد أصر على أن قصة الإسراء و المعراج قصة وهمية أخذها الرسول عن أساطير الأولين و ذكر أسطورة فارسية و أخرى
هندية تفيذ بمسألة المعراج إلى السماء و أن محمدا أخذ بهذه الأسطورتين نقلا عن التجار القادمون من الهند إلى الجزيرة العربية و أخذ عن سلمان الفارسي مضمون الأسطورة الفارسية و شدد على المصدر الأسطوري لقصة الإسراء و المعراج:
علما لأنه يؤمن في المسيحية إيمانا شديدا بمعراج ” الرسول بطرس“ إلى السماء و لم يشك أبدا أن تكون قصة المعراج هذه في المسيحية مأخوذة هي الأخرى عن أساطير الأولين، و الغريب في أمر هذا الرجل أنه يستدل بآيات من القرآن الكريم للدليل على المصدر الأسطوري للقرآن، إذ يذكر القرآن أن الكفار كذبوا الرسول و ادعوا أن ما جاء به هو أساطير الأولين، و ذهب إلى أن قريش و المعاصرون للرسول كانوا يعرفون بهذه الأساطير معرفة تامة وصلت إليهم عن طريق احتكاكهم بالتجار الوافدين من مختلف البقاع، و لما وجدوا كلام محمد مطابقا لما يعرفونه عن أساطير الأمم الأخرى كذبوه و واجهوه بأن ما جاء به ليس بالأمر الجديد و إنما هو أساطير الأولين.
إن ذكر القرآن لهذا التكذيب من الكفار و نعتهم الرسول بأن ما جاء به هو أساطير الأولين هو دليل على صدقية الرسول و ليس كذبه، لأن الآية دليل على تكذيب الكفار و ليس كذب الرسول أو أسطورية ما جاء به، و الآية حجة عليهم و على من سيأتي من بعدهم كما هي حجة على القمص زكريا بطرس لأنه ذهب إلى تكذيب الرسول و نعته بما نعته الكفار الأوائل في عهده، و كما نعتوا المسيح من قبله بأنه كاذب.
ثم إنه ما كان لرجل أن يكتب ما يدل على كذبه ليبقى حجة عليه عبر الأزمان، و لكن بما أن القرآن كلام الله فعلا، لم يجد الله سبحانه و تعالى أن يضرب مثلا لمن سيأتي من بعد تكذيب الكفار في عهد الرسول، ثم إن كان القمص يؤمن بهذه الآية و يعتبرها حجة على قوله فلم لا يؤمن بالقرآن كله و بالرسول الذي أنزل عليه و بالتالي بالمصدر الإلهي له.
إن المعراج إلى السماء حتى و إن كان يؤمن به أقوام أخرى في أساطيرهم و كذا معرفة قريش بهذه الأساطير و تكذيبهم للرسول لا يعني بالضرورة بل و بأي شكل من الأشكال أن الرسول كاذبا و أنه نقل عن هذه الأساطير، و إن آمن زكريا بطرس أن الأمر افتراء، عليه أن يسلم أيضا أن معراج الرسول بطرس إلى السماء هو أيضا افتراء و نقل عن أساطير الأولين، و نحن نعلم و هو يعلم أنه قبل الرسول محمد و بعده ظهر أناس ادعوا النبوة، و مع ذلك أمن الناس بأنبياء الله الحقيقيين و نبذوا المتنبئين و كان لكل رسول و نبي من رسل و أنبياء الله معجزات تدل على صدقيتهم ليؤمن الناس بهم كما كان للرسول محمد معجزات لتقنع الناس بصدقيته و أمانته و حقيقة نبوته، ثم لا تنسى أيها القمص أن من كذبوا الرسول آمنوا به فيما بعد و اقتنعوا أن ما جاء به إنما هو وحي يوحى إليه من رب العالمين و ليس بأساطير الأولين.
فإذا كنت تؤمن أن الإسلام أخذ عن أساطير الأولين فيما يتعلق بمسألة الإسراء و المعراج، فعليك أن تسلم أيضا بأن المسيحية أخذت كذلك عنها، لكنك تؤمن بما تريد أن تؤمن به، و تكفر بما تريد أن تكفر به، فالمسألة ليست مسألة أسطورة أو ألوهية القرآن و إنما المسألة إيمانية و تعصب ديني مقيت.
و في إحدى ردوده عن سؤال لأحد المشاركين في البرنامج عبر الانترنت حول هذه المفارقة ( الإيمان بمعراج بطرس و الكفر بمعراج محمد) قال زكريا بطرس أن ما يجعله يؤمن بالأولى و يكفر بالثانية هو أن بطرس عرج إلى السماء بروحه و ليس بجسده، كما أنه لم يكن بحاجة إلى حمار أو بغل للعروج إلى السماء، و يقصد بذلك أن الرسول صعد إلى السماء بواسطة البراق و اعتبر في كلامه أن الرسول صعد إلى السماء باستعمال دابة مثلها مثل الحمير و البغال باعتبارها وسائل للتنقل المادي، فسبحان الله لم يبقى مع هذا الرد لزكريا بطرس هذا أية قيمة لورود قصة المعراج لدى أساطير الأولين و لم يعد ذلك مشكلا أو مأزقا كما كان يفيد قبل سؤال المتدخل، مأزقا للإسلام و المسلمين، و لكن الحكم الفصل في صدقية المعراج كما هو بين في قناعاته هي و سيلة هذا المعراج، و حسم إيمانه انطلاقا من هذا الأساس، فمن في مأزق الآن؟
عماد امبيرك
17 يناير 2006