ليلا جاءني خبر وفاة أحد قريباتي وأنها توفيت قبل الإفطار وسرعان ما ذهب تفكيري سريعا لزوجها فهو صديقي واعلم أن المصيبة شديدة عليه فالعائلة كلها تعرف كم هي قصة الحب التي جمعت بينهما فهما جيران في بيتين متلاصقين تمت خطبتهما وهما في الثانوية وتم العقد عند دخولهما الجامعة وأخذا الاثنان يجهزان بيتهما مع بعضهما البعض سنوا ت حتى وصلت عشر سنوات وقد صبرا على معوقات ومشاكل كثيرة حتى تم البناء وتزوجا ... وفى الصباح ذهبت إلى الجنازة ورأيت الزوج المكلوم ورأيت في عينه كل أنواع الحزن الذي في العالم وكانت دموعه لا تتوقف بدون كلام فاحتضنته واحتضني بشدة فنحن لم نتقابل منذ فترة لبعد المسافات والمشاغل.... ثم ذهبنا إلى المسجد للصلاة فلم يستطع الزوج أن يصلى عليها أو حتى يقترب من النعش فقد صلى بعيدا في أواخر الصفوف وحملنا الميتة وذهبنا لدفنها وقد أصر الزوج على دفنها في مقبرته مع أمه التي توفيت من شهرين وعند المقابر حدث ما كنت أتوقعه ولكني لم أشاهده وأسمعه في حياتي إلا في هذه المرة فقد وقف الزوج المكلوم وأنا بجانبه على باب القبر يناجى زوجته بصوت خفيض ولكنه مسموع للجميع بسبب صمت القبور الرهيب انطلقت الكلمات منه مصحوبة بأنهار من الدموع الصامتة التي لا تتوقف حيث قال لزوجته وهم يدخلونها القبر حبيبتي تتركينى.. أنا حبيبك على تتركيني وحيدا ..مع السلامة يا حبيبتي . في رحمة الله يا أجمل حبيبة وأرق حبيبة . يا أحب من كان لي في الدنيا مع السلامة. يا روحي مع السلامة . يا قلبي مع السلامة سأظل احبك يا حبيبتي وهنا لم أستطع تمالك دموعي التي تسللت إلى وجهي تعلن ضعفي فقد تذكرت أحبابي الذين فارقوني ولم أستطع توديعهم وتذكرت أحبابي الذين ودعتهم فضممت على إلى صدري وقلت له يا على قل لا اله إلا الله فرمى على رأسه على صدري ثم قال يا أمي ضمي حبيبتي إلى صدرك لا تتركيها وحدها فقلت له يا على قل لا اله إلا الله فقال على لا اله إلا الله يا حبيبتي تتركينى. أتركك إلى رحمة الله .ياحبيبتى لم أفطر منذ الأمس لأنك لم تفطري معي فقلت له وأنا أغالب دموعي يا علي قل لا اله إلا الله فقال على لا اله إلا الله يا رب شفع الصيام في حبيبتى. يا رب شفع الصيام في حبيبتى. فقد كنا صائمين. يا رب تعلم كم كنت أحبها وتحبني صبرني يارب. صبرني يارب. يا حبيبتي إلى رحمة الله أتركك. يا حبيبتي نور الله قبرك بالصيام . يا حبيبتي نور الله قبرك برحمته . يا حبيبتي تتركيني وحيدا مع السلامة يا حبيبتي فأخذت أضمه لصدري كي يسكت فقد كدت أن أنهار وأنا الذي رأيت من المصائب الكثير ونظرت حولي فوجدت الوجوه كلها باكية وتذكرت حديث جبريل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يا محمد أحبب من شئت فانك مفارقه نعم أنها الحقيقة الخالدة الموت مفرق الأحباب .. ربما يظن القارئ أن على شاب صغير لا فهو رجل عمره فوق الخمسين وقد مر على زواجهما ما يقرب من ثلاثين عاما وقد كتبت هذا الواقعة الحزينة بكل ما فيها أولا للخروج من الحديث في السياسة والفكر ومتابعة الأخبار السياسية التي تبعث على الضيق وغيره وللتذكرة بالموت الذي يفرق بين الأحبة وحتى نتعظ و ننهض إلى طاعة الله لعل الله يرحمنا فالعبد لا يدرى متى يأتيه الموت ثانيا لنتعلم الوفاء في زمن قل أو ندر فيه الوفاء فالعلاقات الزوجية أصبحت متوترة متقلبة بسبب ما حدث من تغيرات كثيرة في الحياة أما على فقد أحب زوجته ما يقرب من أربعين عاما ولكن الحب لم يمنع الموت وكان في وداعها عاشق محب صغير السن مازال الحب في قلبه لم يخبو وهو رجل مسلم يعرف ربه فما أعظم أن يحب الرجل زوجته وتحبه زوجته وقد أحب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها ولما توفيت حزن عليها حزنا شديدا حتى سمي العام الذي توفيت فيه عام الحزن... ...........